إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
شفاء العليل شرح منار السبيل
223416 مشاهدة
الشك في نجاسة الماء أو في طهارته

قوله: [وإن شك في كثرته فهو نجس ].


الشرح: أي لا يستعمله في الطهارة؛ لأنه لم يتيقن كثرته وبلوغه القلتين، ولا يضر النقص اليسير، وقد علمنا أن الصواب عدم نجاسة الماء إلا إذا تغير بالنجاسة سواء كان قليلا أم كثيرا.
أما من شك في نجاسة الماء أو في طهارته فإنه يبني على اليقين، فمثال الشك في النجاسة: أن يكون عندك ما لا تعلم نجاسته، ثم وجدت فيه روثه لا تدري أروثة بعير أم روثة حمار، ولكنك رأيت الماء قد تغير بهذه الروثة، فإنك ستشك هل هو نجس أم طاهر؛ لأنه إذا كانت الروثة روثة بعير فالماء طاهر؛ لأن روث ما يؤكل لحمه طاهر- كما سيأتينا إن شاء الله- وأما إن كانت الروثة روثة حمار فإن الماء يصبح نجسة؛ لأن روث الحمار نجس، ففي هذه الحالة تبني على اليقين، واليقين عندك أن الماء طاهر، فلك استعماله بلا حرج.
وهكذا يقال في غير الماء إذا شككت فيه، كما إذا شككت في نجاسة ثوب، فإن الأصل الطهارة حتى تعلم نجاسته بيقين.
وهكذا يقال لا الأرض التي تريد الصلاة عليها، ونحو ذلك، هذه هي الصورة الأولى، وهي إذا شككت في نجاسة الماء، وهي أنك تبني على اليقين وهو أن الماء طهور.
أما إذا كان العكس، فشككت في طهارة الماء، فإنك تبني على اليقين، وهو أن الماء نجس، حتى تعلم طهارته يقينا، وقولنا بأنك تبني على اليقين مأخوذ من قول النبي -صلى الله عليه وسلم- للرجل الذي شكى إليه أنه يجد الشيء في بطنه فيشكل عليه هل خرج منه شيء أم لا، فقال -صلى الله عليه وسلم- لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا فأمره -صلى الله عليه وسلم- بالبناء على الأصل، وهو البقاء على الطهارة، والأصل في مسائلنا السابقة هو بقاء الماء على ما كان عليه، فلا ينتقل عنه إلا بدليل يقيني. ولهذا فإنه إذا مر إنسان تحت ميزاب مثلا فأصابه ماء متساقط منه، فلم يدر أهو طاهر أم نجس، فإن الأصل الطهارة، حتى ولو كان لون الماء متغيرا، قال شيخ الإسلام (لم يلزم السؤال بل يكره) ويروى أن عمر -رضي الله عنه- مر هو وصاحب له بميزاب، فأصابهم منه، فسأل صاحبه صاحب الميزاب: هل هدا نجس أم لا؟ فقال له عمر يا صاحب الميزاب لا تخبرنا.